أقسام الصوم، الأعذار المبيحة للفطر
1- أقسام الصوم:
للصوم ستة أقسام :
الأول: فرض عين:
صوم رمضان أداء وقضاء، وصوم المنذور، وفدية الأذى في الإحرام، وجزاء الصيد، وصوم الكفارات بأنواعها مثل كفارة اليمين، والقتل، والظهار، والصيام، وغيرها.
الثاني: واجب:
قضاء ما أفسده من نفل، كذا إتمام النفل بعدما شرع فيه؛ لقوله تعالىLولا تبطلوا أعمالكم)
وصوم الاعتكاف المنذور، فمن نذر أن يعتكف عشرة أيام وجب عليه أن يصومها، وهو في معتكفه
والاعتكاف: هو المكث في المسجد تقام فيه الجماعة بنية الاعتكاف.
الثالث: سنة:
صوم عاشوراء: (اليوم العاشر من محرم)، ويسن أن يصوم معه التاسع أو الحادي عشر.
الرابع: المندوب:
وهو كل صيام وعد على فعله بثواب.
أ- صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويندب: أن تكون الأيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ سميت بذلك لتكامل ضوء الهلال، وشدة البياض.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام )، وقال صلى الله عليه وسلم: ( صوم ثلاثة أيام من كل شهر، صوم الشهر كله ).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (بلغني أنك تصوم النهار، وتقوم الليل فلا تفعل؛ فإن لجسدك عليك حقاً، ولعينيك عليك حقاً وإن لزوجتك عليك حقاً، صم وأفطر صم من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صوم الدهر ). قلت يا رسول الله: إن لي قوة، قال: ( فصم داود عليه السلام، صم يوماً وأفطر يوماً ) فكان يقول: يا ليتني أخذت بالرخصة. لأن صوم ثلاثة أيام من كل شهر كصوم جميعه، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
ب- صوم الاثنين والخميس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يصوم الاثنين
والخميس، فقيل يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس، فقال: ( إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم، إلا متجرين، يقول دعهما حتى يصطلحا ).
ج- صوم ست من شوال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).
د- الصيام في شعبان:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم، حتى نقول: لا يفطر. ويفطر، حتى نقول: لا يصوم. وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رايته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان ).
هـ- صوم يوم وإفطار يوم:
كصوم داود عليه السلام ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم (أحب الصيام إلى الله صيام داود،
وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام ثلث الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان
يفطر يوماً، ويصوم يوماً ).
و- صوم يوم عرفة لمن ليس بعرفة.
ز- صوم العشر الأول من ذي الحجة.
الخامس: النفل:
هو سوى ما تقدم، ويدخل فيه كل يوم أراد المسلم صيامه، ولم يرد في الشرع نهي عنه.
السادس: المكروه:
وهو قسمان:
أ- مكروه تنزيهاً:
- كصوم عاشوراء منفرداً عن التاسع أو الحادي عشر.
- وإفراد صوم يوم الجمعة: لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصما يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ؛ إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم )، أي مع صوم يوم قبله، أو بعده.
- وإفراد يوم السبت: لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة-أي قشر عنبة-أو عود شجرة فليمضغه).
- وإفراد أول يوم من أيام الربيع، وإفراد أول يوم من أيام فصل الخريف، وهذان اليومان عيدان عند الفرس؛ فإن وافقا عادته فلا بأس بصيامهما.
- وصوم الوصال وهو: أن يصل صوم الغد بما قبله من غير أن يتناول مفطراً وذلك إن لم يشق عليه، أو يضعفه.
- وصوم يوم الشك، إن ردد فيه النية بين الفرض أتنفل وهو يوم الثلاثين من شعبان إن غم هلال رمضان ؛ إلا أن يوافق عادته، أو يصله بما قبله، أو يصومه نفلاً بدون تردد في النية، فإن ظهر أنه من رمضان أجزأ عن رمضان، بأي نية كانت إلا أن يكون مسافراً، ونواه عن واجب آخر.
- وصوم الدهر إن كان لا يضعفه لأنه يصير طبعاً، ومبنى العبادة على مخالفة العادة.
- وكره صوم يوم أو يومين من آخر شعبان، على قصد أن يكون من رمضان.
أما إن صام عن شعبان فلا كراهية.
ب- مكروه تحريماً:
- صوم يومي العيدين: عيد الفطر وعيد النحر؛ للإعراض عن ضيافة الله، ومخالفة الأمر.
- وصوم أيام التشريق-الثاني والثالث والرابع من أيام عيد الأضحى- لورود النهي عنه.
- صوم الوصال: إن شق عليه وأضعفه، لغير النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم الوصال، قالوا: رأيناك تواصل يا رسول الله، فقال: ( لست كأحدكم، أبيت عند ربي، يطعمني ويسقيني ).
- صوم الدهر: إن كان يضعفه عن الفرائض والواجبات، والكسب الذي لا بد منه؛ فهو مكروه تحريماً، وإلا فتنزيهاً، لأنه يصير عادة له، ومبنى العبادة: على خلاف العادة.
- صوم المسافر إذا أجهده الصوم؛ قال عليه الصلاة والسلام: (صائم رمضان في السفر أي المترتب على صومه ضرر يؤدي إلى الهلاك- كالمفطر في الحضر).
2- الأعذار المبيحة للفطر:
متى يباح الفطر ؟
عرفت أن الصوم فرض عين على كل مسلم، بالغ، عاقل، من الرجال و النساء، ولكن الشريعة قد يسرت على من يضره الصوم، أو يشق عليه، فأباحت له الإفطار في حالات متعددة نوضحها فيما يلي:
أ - المرض: لقوله تعالى: ( فمن كان منكم مريضاً، أو على سفر، فعدة من أيام أخر). خفف الله تعالى على المريض بإباحة الفطر أيام المرض، مع قضائها في أيام الصحة؛ فلو كلف نفسه و صام، صح صومه.
والمراد: المرض الذي يضر مع الصوم، أو يزداد بالصوم، أو يتأخر به الشفاء، أو يحصل بالصوم مشقة شديدة لا تتحمل عادة، فيجوز في جميع ذلك الفطر، ثم القضاء، وكذلك: إذا غلب على ظن الصحيح أنه إذا صام سيحصل له مرض شديد بتجربة، أو إخبار طبيب مسلم، حاذق تقي؛ فيجوز له الفطر أيضاً، وعليه القضاء.
أما ظن الصحيح المبني على ضعف إرادة، وقلة عزيمة، وعظم وهم بأن جسمه لا يحتمل الصوم، وأنه سيحصل له مرض شديد بالصوم، فلا عبرة بظنه. بل عليه أن يصوم وعندما تنهار قوته، ويخشى حدوث مرض، أو هلاك، فهنا يفطر يومه ثم يقضيه.
ب- الزمان: ما يعترض بعض الأفراد من الأمراض المزمنة التي لا يرجى شفاؤها، كداء السل، وغيره، فهؤلاء يفطرون، ويدفعون فدية عن كل يوم نصف صاع من القمح، يعادل في موازين العصر الحاضر في بلادنا بألفي غرام تقريباً، ويجوز أن يستبدل بالقمح الثمن من العملة الدارجة، كما يجوز دفعها لفقير واحد، ومن لم يقدر على الفدية لفقره يستغفر الله تعالى، وذلك كله بشرط دوام المرض إلى الموت، أما إذا شفي فعليه القضاء.
ج- الشيخوخة: وهي العجز الذي يصيب الرجل أو المرأة، بسبب كبر السن، فيعجز عن الصوم إلا بمشقة، فيجوز له الفطر، على أن يدفع عن كل يوم يفطره فدية تعادل نصف صاع من القمح، أو ما يعادل ثمنه من الدراهم كما مر في الزمان، وذلك بشرط دوام العجز إلى الموت.
د- الحمل و الإرضاع: الحامل و المرضع إذا خافتا ضرراً على نفسهما، أو على الولد أو على نفسهما والولد، فيجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء عند القدرة بدون فدية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وضع عن المسافر: الصوم، وشطر الصلاة؛ وعن الحامل والمرضع، الصوم ).
هـ - الحيض و النفاس: لا يصح الصوم من حائض ولا نفساء، بل يجب عليهما الفطر، والقضاء بعد انتهاء مدة الحيض و النفاس، وإنما حرم الصوم على الحائض و الخنفساء لحكم نذكر منها:
أن معظم النساء يصاب بوعكة عامة خلال الطمث - الحيض - وقد تحدث اضطرابات مرضية في مختلف أجهزة البدن، بالإضافة إلى ما تفقده المرأة أثناء الحيض من الدم، الذي يتوقف عليه قوام البدن. فالحائض تكاد أن تكون مريضة، بل هي مريضة في كثير من الأحيان.
أما النفساء: فقد أثقلت بالحمل، وأرهقت بالولادة، و ها هي تقوم بحضانة وإرضاع
وليدها، مما يتمثله جسمها من غذاء، بالإضافة إلى ما تفقده من الدم، فلا تقل حالتها عن الحائض، بل هي أكثر منها ضعفا، وأشد حاجة إلى الفطر.
و- السفر: فلا يجب على المسافر أداء رمضان أثناء سفره؛ بل يجوز أن يفطر، ويقضيه بعد السفر، وإن كان الأفضل صيامه إن لم يجد مشقة.
والسفر الذي يباح معه الفطر يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:
أولا- الشروع بالسفر قبل الفجر فإذا طلع الفجر عليه بعد نيته الصوم، وقبل شروعه بالسفر: فلا يجوز له الفطر ذلك اليوم، وإذا أفطر فعليه القضاء على الأصح.
وإن شرع بالسفر بأن جاوز عمران بلده قبل طلوع الفجر، جاز له أن يفطر و يقضيه.
وإذا حصل له مشقة شديدة في السفر أثناء النهار، أفطر في كل حال.
فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغمم، وصام الناس معه فقيل: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح ماء بعد العصر فشرب، والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضهم، وصام بعضهم، فبلغه أن أناساً صاموا، فقال: ( أولئك العصا ).
ثانيا- السفر المبيح للفطر، هو السفر المبيح لقصر الصلاة، ومقداره ( 81 ) كيلو متراً.