وبرحيل الشاعر الكبير يفقد الشعب الفلسطيني ومعه الامتان العربية والإسلامية قامة شعرية وأدبية شاهقة في سماء الأدب الراقي، وواحدا من فحول الشعراء الذين اسمهموا بما قدموه من ثراء فكري ومعرفي وشعري في استنهاض الأمة وبعث الحياة في وجدانها، بعد ان تكالبت عليها الأمم في لحظة مفصلية صعبة ما زالت ترزح تحت وطأتها .
وكان الشاعر الكبير قد خضع صباح الأربعاء الماضي الجاري لعملية قلب مفتوح تضمنت إصلاح ما يقارب 26 سنتمرا من الشريان " الابهر" الذي كان قد تعرض لتوسع شديد تجاوز درجة الأمان الطبيعية المقبولة طبيا، حيث تكللت العملية بالنجاح في مشفى " ميموريال هيرمان" الأمريكي في هيوستن بولاية تكساس.
مات في إحدى المستشفيات الأمريكية في هيوستن غريباً.. كثيرة هي الأشياء التي تقتل الفلسطيني في وطنه ومنفاه غريباً. ان لم يقتله رصاص الصهاينة مات غمدا من خيانات إخوته العرب وتخليهم عنه, وان لم يمت بخيانة الحكام، قتله الانقسام والتحارب الفلسطيني.
ليس غريباً إذن أن يسلم شاعر فلسطين والإنسانية جمعاء محمود درويش روحه لبارئها، ليس غريباً أن يستسلم للموت الذي كان قد هزمه مسبقا بجداريته الرائعة، تراه وهو يسلم الروح كرر أيضا في أعماق نفسه: أن هناك شيئا يستحق من اجله الحياة.
مات محمود درويش ، رحل ضمير القضية الفلسطينية المتمثل في الشاعر العظيم وشعره الذي كان بصمة لا تمحى وكان مقاوماً أكثر من البندقية ، رحل محمود درويش قبل أن تتحقق نبوءته ويرى ( المارون بين الكلمات العابرة قد انصرفوا ) وتوقف قلب الشاعر الكبير السبت بعيداً عن فلسطين التي أحبها عشقاً وشعراً ومقاومة ..
مسيرة أبرز فحول الشعراء في أسطر
محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ، ولد عام 1941 في قرية البروة ( قرية فلسطينية مدمرة ، يقوم مكانها اليوم قرية احيهود ، تقع 12.5 كم شرق ساحل سهل عكا) ، وفي عام 1948 لجأ الى لبنان وهو في السابعة من عمره وبقي هناك عام واحد ، عاد بعدها متسللا إلى فلسطين وبقي في قرية دير الأسد (شمال بلدة مجد كروم في الجليل) لفترة قصيرة استقر بعدها في قرية الجديدة (شمال غرب قريته إلأم -البروة-).
أكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الأسد متخفيا ، فقد كان تخشى أن يتعرض للنفي من جديد إذا كشف أمر تسلله ، وعاش تلك الفترة محروما من الجنسية ، أما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف (2 كم شمالي الجديدة).
انضم محمود درويش إلى الحزب الشيوعي في إسرائيل ، وبعد إنهائه تعليمه الثانوي ، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في الجرائد مثل "الاتحاد" والمجلات مثل "الجديد" التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها ، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي ، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر .
لم يسلم من مضايقات الاحتلال ، حيث اعتقل أكثر من مرّة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية ، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاق أوسلو.
شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر في مجلة الكرمل ، وأقام في باريس قبل عودته الى وطنه حيث انه دخل الى إسرائيل بتصريح لزيارة أمه ، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه ، وقد سمح له بذلك.
وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها:
جائزة لوتس عام 1969.
جائزة البحر المتوسط عام 1980.
درع الثورة الفلسطينية عام 1981.
لوحة اوروبا للشعر عام 1981.
جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفيتي عام 1982.
جائزة لينين في الاتحاد السوفييتي عام 1983.
شعره:
يُعد محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينة ، ومر شعره بعدة مراحل .
بعض مؤلفاته:
عصافير بلا اجنحة (شعر).
اوراق الزيتون (شعر).
عاشق من فلسطين (شعر).
آخر الليل (شعر).
مطر ناعم في خريف بعيد (شعر).
يوميات الحزن العادي (خواطر وقصص).
يوميات جرح فلسطيني (شعر).
حبيبتي تنهض من نومها (شعر).
محاولة رقم 7 (شعر).
احبك أو لا احبك (شعر).
مديح الظل العالي (شعر).
هي اغنية ... هي اغنية (شعر).
لا تعتذر عما فعلت (شعر).
عرائس.
العصافير تموت في الجليل.
تلك صوتها وهذا انتحار العاشق.
حصار لمدائح البحر (شعر).
شيء عن الوطن (شعر).
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه ان لله وان اليه راجعون